شهيد السماء
إنه الصحابي الجليل سعد بن معاذ - رضى الله عنه
سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس الأوسي الأنصاري الأشهلي
أمه كبشة بنت رافع . صحابي من أهل المدينة ، سيد الأوس .
يكنى أباعمر
ولد سعد في السنه التاسعه عشرة قبل البعثه
وهو آصغر من الرسول عليه الصلاة والسلام باحدى
وعشرين سنه .
فهو سيد الأوس ، أسلم بعد بيعة العقبة الأولى ،
وحضر بيعة العقبة الثانية .
اسلم على يد مصعب بن عمير قبل الهجرة بعامين
ولإسلام سعد قصة طريفة ، فقد بعث النبي
( مصعب بن عمير -رضي الله عنه)
ليدعو أهل المدينة إلى الإسلام ، ويُعلِّم من أسلم منهم القرآن وأحكام الدين
وجلس مصعب ومعه الصحابي أسعد بن زرارة في حديقة بالمدينة
وحضر معهما رجال ممن أسلموا ، فلما سمع بذلك سعد بن معاذ
وأسيد بن حضير
وكانا سيديّ قومهما ، ولم يكونا أسلما بعد ، قال سعد لأسيد بن حضير :
انطلق إلى هذين الرجلين اللذين قد أتيا ديارنا ليسفها ضعفاءنا ،
فازجرهما وانههما عن أن يأتيا ديارنا .
فأخذ أسيد حربته ثم أقبل عليهما ، فلما رآه أسعد بن زراة قال لمصعب :
هذا سيد قومه قد جاءك ، فاصدق الله فيه .
ووقف أسيد يسبهما ، فقال له مصعب :
أو تجلس فتسمع ، فإن رضيت أمرًا قبلته ، وإن كرهته كففنا عنك ما تكره
فجلس أسيد ، واستمع إلى مصعب ، واقتنع بإسلامه ، فأسلم
ثم قال لهما : إن ورائي رجلاً إن اتبعكما لم يتخلف عنه أحدمن قومه
وسأرسله إليكما الآن هو سعد بن معاذ .
ثم أخذ أسيد حربته وانصرف إلى سعد وقومه وهم جلوس ، فقال له :
إن بني حارثة قد خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه
وكان أسعد ابن خالة سعد ، فقام سعد غاضبًا فأسرع وأخذ الحربة في يده .
فلما رآهما جالسين مطمئنين ، عرف أن أسيدًا إنما قال له ذلك ليأتي به
إلى هذا المكان فأخذ يشتمهما فقال أسعد لمصعب :
أي مصعب جاءك والله سيدٌ من ورائه قومه
إن يتبعك لا يتخلف عنك منهم أحد .
فقال مصعب لسعد : أو تقعد فتسمع ؟
فإن رضيت أمرًا ، ورغبت فيه قبلته ، وإن كرهته ، عزلنا عنك ما تكره .
قال سعد : أنصفت
ثم وضع الحربة ، وجلس . فعرض عليه الإسلام ، وقرأ عليه القرآن
كما فعل مع أسيد فلمح مصعب وأسعد الإسلام في وجه سعد بن معاذ
قبل أن يتكلم فقد أشرق وجهه وتهلل ، ثم قال لهما :
كيف تصنعون إذا أسلمتم ودخلتم في هذا الدين ؟
قال : تغتسل فتطهر وتطهر ثوبيك ، ثم تشهد شهادة الحق ،
ثم تصلى ركعتين .
ففعل سعد ذلك ، ثم أخذ حربته ورجع إلى قومه ، فلما رآه قومه قالوا :
نحلف بالله لقد رجع إليكم سعد بغير الوجه الذي ذهب به ، فقال لهم سعد :
يا بني عبد الأشهل ، كيف تعلمون أمري فيكم ؟
قالوا : سيدنا وأفضلنا رأيًّا .
قال : فإن كلام رجالكم ونسائكم عليَّ حرام ، حتى تؤمنوا بالله وبرسوله
فما أمسى في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا ودخل في الإسلام.
وبعد انتشار الإسلام في ربوع المدينة
أذن الله سبحانه لنبيه بالهجرة إلى المدينة
فكان سعد خير معين لإخوانه المهاجرين إلى المدينة .
وجاءت السنة الثانية من الهجرة
، والتي شهدت أحداث غزوة بدر
وطلب النبي المشورة قبل الحرب
فقام أبو بكر وتحدث ثم قام ، فتحدث عمر ، ثم قام المقداد بن عمرو
وقالوا وأحسنوا الكلام ، ولكنهم من المهاجرين
فقال الرسول ( أشيروا علي أيها الناس ) ،
فقال سعد بن معاذ زعيم الأنصار: والله لكأنك تريدنا يا رسول الله ؟
قال : أجل
فقال سعد : لقد آمنا بك وصدقناك ، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق
وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا ، فامض يا رسول الله لما أردت ،
فنحن معك
فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر ، فخضته لخضناه معك
ما تخلف منا رجل واحد ، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدًا ،
إنا لصُبُر في الحرب صُدُق في اللقاء ، لعل الله يريك منا ما تقرَّ به عينك ،
فسر بنا على بركة الله .
فسُرَّ رسول الله عندما سمع كلام سعد ، ثم قال :
( سيروا وأبشروا، فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين
والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم )
وقبل أن تبدأ المعركة قال سعد بن معاذ :
يا نبي الله ، ألا نبني لك عريشًا تكون فيه ، ونعد عندك ركائبك ،
ثم نلقى عدونا فإن أعزنا الله وأظهرنا على عدونا ,
كان ذلك ما أحببنا ، وإن كانت الأخرى
جلست على ركائبك ، فلحقت بمن وراءنا
فأثنى عليه رسول الله خيرًا ، ودعا له بخير ، ثم بني لرسول الله عريشًا
فجلس فيه يدعو الله أن ينصر الإسلام .
وأبلى المسلمون في غزوة بدر بلاء حسنًا ، وكان لهم النصر .
ويروى أن سعد بن معاذ كان يقول :
ثلاث أنا فيهن رجل كما ينبغي ، وما سوى ذلك فأنا رجل من الناس
ما سمعت من رسول الله حديثًا قط إلا علمت أنه حق من الله عز وجل
ولا كنت في صلاة قط فشغلت نفسي بغيرها حتى أقضيها
ولا كنت في جنازة قط ، فحدثت نفسي بغير ما تقول ، ويقال لها ،
حتى أنصرف عنها
وتأتى غزوة أحد
ويظهر سعد فيها حماسة شديدة وشجاعة عظيمة
وظل يدافع عن النبي حتى عاد المشركون إلى مكة .
وفي غزوة الخندق
تحالف المشركون وتجمعوا من كل مكان يحاصرون المدينة
واستغلَّ بنو غطفان الموقف ، فبعثوا إلى رسول الله كتابًا يعرضون فيه
أن يتركوا القتال في مقابل أن يحصلوا على ثلث ثمار المدينة
فاستشار الرسول صحابته في هذا .
فقال سعد :
يا رسول الله ، قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك
وكانوا لا يطمعون أن يأكلوا منا ثمرة واحدة
أفحين أكرمنا الله بالإسلام، نعطيهم أموالنا !!!
والله ما لنا بهذه من حاجة
والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم
فرضي الرسول والصحابة بذلك .
وأصيب سعد بن معاذ في في ذراعه فقطع أكحله ( عرق من وسط الذراع )
بسهم حين رماه ابن العرقة وقال :
خذها وأنا ابن العرقة ، فقال سعد : عرق الله وجهك في النار .
ثم حمل إلى المسجد فأقام له النبي صلى الله عيله وسلم خيمة فيه ليعوده من قريب
وقامت ( رفيدة ) بعلاجه .
وكانت ممرضة بارعة تخرج مع المجاهدين الى ميدان القتال .
لتعالج الجرحى .
ولكن جرح سعد لم يندمل
فكواه النبي صلى الله عليه وسلم بالنار مرتين فانتفخت يده ونزف الدم .
فلما رأى سعد ذلك دعا ربه فقال :
اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئًا ، فأبقني لها
فإنه لا قوم أحب إلى من أن أجاهدهم فيك من قوم
آذوا نبيك ، وكذبوه وأخرجوه .
اللهم إن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم ، فاجعلها لي شهادة
ولا تمتني حتى تقر عيني من قريظة .
اللهم لاتخرج نفسي حتى تقر عيني من بني قريظة
( وكانوا مواليه وحلفاءه في الجاهلية ) .
فما قطرعرقه قطرة بعدها
وانتهت غزوة الخندق بهزيمة المشركين
وبعد الغزوة ذهب الرسول هو وصحابته لحصار بني قريظة
الذين تآمروا مع المشركين على المسلمين
وخانوا عهد الرسول وغدروا بالمسلمين
وجعل الرسول
سعد بن معاذ هو الذي يحكم فيهم
فأقبل سعد يحملونه وهو مصاب
فلما رآه صلى الله عليه وسلم قال :
قوموا إلى سيدكم فقاموا إليه فأنزلوه
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :( احكم فيهم )
قال : لقد آن لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم .
ثم التفت إلى النبي وقال :
إني أحكم فيهم أن تقتل الرجال ، وتقسم الأموال ، وتسبى ذراريهم ونساؤهم
فقال الرسول ( لقد حكمت فيهم بحكم الله )
فلما قتل آخر رجل منهم انفجر الدم من عرقه
واحتضنه النبي صلى الله عليه وسلم :
فجعلت الدماء تسيل على رسول الله وجعل أبو بكر وعمر
يبكيان ويسترجعان
وبينما صلى الله عليه وسلم فى مجلسه - اذ جاءه جبريل عليه السلام
معتما بعمامة من استبرق :
فقال :
(( يا محمد . من هذا الميت الذى فتحت له أبواب السماء !!
واهتز له عرش الرحمن واستبشر به أهلها !! ))
فقام النبى صلى الله عليه وسلم مسرعا الى سعد فوجده فارق الحياة .
فجلس بجواره ووضع رأسه فى حجره .
وامر بأن يسجى بثوب ابيض .
ثم رفع يديه وقال :
(( اللهم ان سعدا قد جاهد فى سبيلك . وصدق رسولك وقضى الذى عليه .
فتقبل روحه بخير ما تقبلت به روحا ))
وتوفي سعد بن معاذ فلقى ربه شهيدا أثر السهم
فحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم تغسيله ودفنه
فلما فرغوا من تجهيزه والصلاة عليه ، حمله الصحابة فوجدوه خفيفًا جدًّا
مع أنه كان ضخمًا طويلاً ، ولما سئل الرسول عن ذلك قال :
( إن الملائكة كانت تحمله )
وقال ( شهده سبعون ألفًا من الملائكة )
وحين ذهب بعض الصحابة لحفر قبر سعد بالبقيع كانوا كلما حفروا
خرجت من التراب رائحة كرائحة المسك . حتى انتهوا لى اللحد .
ولما وضع في قبره جلس الرسول على قبره وقد تغير وجه وقال :
فسبح ثلاثا . فسبح المسلمون حتى ارتج البقيع .
ثم كبر ثلاثا . فكبر المسلمون .
وسئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك . فقال صلى الله عليه وسلم :
(( تضايق على صا حبكم القبر . وضم ضمة لونجا منه أحد لنجا هو . ثم فرج الله عنه ))
ولما انصرف النبى صلى الله عليه وسلم من الجنازة ذرفت دموعه حتى بلت لحيته .
وندبته أمه فقال صلى الله عليه وسلم : « كل نادبة كاذبة إلا نادبة سعد ».
فجا ءها النبى صلى الله عليه وسلم وقال لها :
(( الا يرفا دمعك ويذهب حزنك ؟ فان ابنك أول من ضحك الله اليه . واهتز له عرش الرحمن ))
وكانت نساء بنى عبد الاشهل ينحن على سعد الذى استشهد وهو أنضر ما يكون شبابا .
مع أن سعدا أوصا هن وهو فى النزع الاخير ألا يلطمن خدودهن .
والا يشققن جيو بهن . وان يصبرن صبر المؤمنات القانتات .
فكان النبى صلى الله عليه وسلم يسطتيب الحديث عن سعد بن معاذ
فاهدى النبى صلى الله عليه وسلم بجبة من الديباج ( الحرير ) من أكيدر بن الملك
فأخذ أصحابه ينظرون اليها فقال لهم :
( أتعجبون من هذه الجبة ؟ قالوا : يارسول الله : ما رأينا أحسن منها قط !
فقال : والله لمناديل سعد بن معاذ فى الجنة أحسن مما ترون )
رضى الله عن سعد بن معاذ . فهو الشهيد الذى اهتز عرش الرحمن فرحا بروحه .
وشيعه سبعون ألف ملك . وتحول تراب قبره الى مسك .
فكانت وفاته - رضي الله عنه - سنة ( 5هـ ) .
وهو ابن سبع وثلاثين عاما ( 37 سنة ) .
فكان سعد من اشد المعادين لليهود في يثرب
وقد تزوج سعد رضى الله عنه احدى بنات الانصار .
ووهبه الله منها ولدين أسمى الاول عبد الله والثانى عمرو .
وقد ذهب بكل منهما الى رسول الله صلى الله عليه وسلم عقب ولادته .
فمسح على رأسه ودعا له بالبركة .
كما كان برا بوالدته .
يذهب اليها غدوة وعشية .
وكان يحبها حبا جما .
وكانت أمه دائمة الدعاء له .
وكان يعتبر دعاءها رصيدا له من الحسنات عند الله
وفى نهاية الموضوع لدى سؤال
:
هذا الصحابى كانت مدة أسلامه ست ( 6 ) سنوات فقط !!!!
وأهتز له عرش الرحمن
فماذا قدمنا نحن ـ أو ماذا سنقدم ؟؟؟؟
اللهم احشرنا مع النيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم .
هذا والله أعلى وأعلم
يا رب إن لم آكن آخلصت فى طاعتك
.... لكنى أطمع فى رحمتك .... { ريان }